للمسلمين ثلاثة أعياد لا رابع لها وهي :
* الأول: عيد الأسبوع : وهو يوم الجمعة، خاتمة الأسبوع، هدى الله له هذه الأمة المباركة، بعد أن عمي عنه أهل الكتاب ـ اليهود والنصارى ـ فكان لهم السبت والأحد.
- قال ابن خزيمة ـ رحمه الله تـعــالى ـ: ( باب الدليل على أن يـوم الجمعـة يـوم عيـد، وأن النهـي عن صيامه إذ هـو يـوم عـيــد ) حديـث أبي هريـرة - رضي الله عنه - قال: سمعـت رسـول الله - صلى الله عليه وسلم- يقـول: ( إن يـوم الجمعـة يـوم عيـد؛ فـلا تجعلـوا يـوم عيدكم يـوم صيامكـم إلا أن تصومـوا قبله أو بعده ).
* الثاني: عيد الفطر : من صوم رمضان، وهــو مرتب على إكمال صيام رمضان، الذي فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهو يـــوم الجوائز لمن صام رمضان فصان الصيام، وقام فيه فأحسن القيام، وأخلص لله ـ تعالى ـ فـي أعـمـالــه، وهو يوم واحد ـ أول يوم من شهر شوال ـ.
* الثالث: عيد النحـر: وهـو ختـام عشـرة أيام هـي أفضـل الأيام، والعمـل فيها أفضـل مـن العمل في غيرها، حتى فاق الجهاد في سبيل الله ـ تعالى ـ الذي هو من أفضل الأعمال، كما في حـديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( ما من الأيــــام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد؛ إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ).
- وهذا الـعـيـــد هو اليوم العاشر من ذي الحجة، وقبله يوم عرفة وهو من ذلك العيد أيضاً، وبعده أيام التشريق الثلاثة وهي عيد أيضاً، فصارت أيام هذا العيد خمسة؛ كما في حديث عقبة بن عامـــر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب ).
- وهذا العيد أعظـــم من عيد الفطر، قال ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ: وهو أكبر العيدين وأفضلهما وهو مرتب على إكمال الحج. وقال شيخ الإسلام بعد ذكره قول الله ـ تعالى ـ: ( اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً ) [المائدة: 3]: ( ولهذا أنزل الله هــــذه الآية في أعظم أعياد الأمة الحنيفية؛ فإنـه لا عيد في النـوع أعظـم من العيد الذي يجتمع فيه المكان والزمان وهـو عيـد النحـر، ولا عين من أعيان هـذا النـوع أعظـم من يـوم كان قـد أقامـه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعامة المسلمين ).
- وقال أيضاً: ( أفضل أيــــــام العام هو يوم النحر، وقد قال بعضهم: يوم عرفة، والأول هو القول الصحيح؛ لأنّ في السـنـن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( أفضل الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم الـقــــر )، لأنه يوم الحج الأكبر في مذهب مالك والشافعي وأحمد؛ كما ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( يوم النحر هو يوم الحج الأكبر ).
* أحكام تتعلق بالعيد :
* أولاً: حكم صلاة العيد:
- اختلف العلماء في ذلك، ولهم ثلاثة أقوال:
أ- أنها واجبة على الأعيان وهو قول الأحناف.
ب- أنها سنة مؤكدة، وهو قول مالك وأكثر أصحاب الشافعي.
ج- أنها فرض كفاية، وإذا تمالأ أهل بلد على تركها يُقاتلون وهو مذهب الحنابلة، وقال به بعض أصحاب الشافعي.
* والذي يظهر رجحانُه القولُ بالوجوب لما يلي:
1- أمر الله ـ تعالى ـ بها: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) [الكوثر: 2] والأمر يقتضي الوجوب، وأمره-النساء أن يخرجن إليها.
2- مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها وعدم تخلفه عنها.
3- أنها من أعلام الدين الظاهرة، وأعلام الدين الظاهرة فرض كالأذان وغيره.
- قال شيخ الإسلام: ولهذا رجحنا أن صلاة العيد واجبة على الأعيان. وقول من قال: ( لا تجب ) في غاية البعد؛ فإنها من شعائر الإسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة، وقد شرع لها التكبير، وقول من قال: ( هي فرض كفاية ) لا ينضبط؛ فإنه لو حضرها في المصر العظيم أربعون رجلاً لم يحصل المقصود؛ وإنما يحصل بحضور المسلمين كلهم كما في الجمعة.
- واختار القول بالوجوب ابن القيم والشوكاني وابن سعدي وابن عثيمين.
- وعلى هذا القول فإن المفرطين في حضورها آثمون خاسرون في يوم الفرح والجوائز.
* ثانياً: حكم التنفل قبل صلاة العيد وبعدها:
أ- عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصلّ قبلها ولا بعدها..).
ب- وعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان رسول - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي قبل العيد شيئاً؛ فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين ).
* فمن خلال هذين الحديثين يظهر ما يلي:
1- أن صلاة العيد ليس لها راتبة لا قبلية ولا بعدية؛ لحديث ابن عباس.
2- أنه لو صلى بعدها في البيت أصاب السنة إن كان من عادته أن يصلي الضحى،لحديث أبي سعيد.
3- إذا كانت صلاة العيد في المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين لحديث أبي قتادة ـ رضــــي الله عنه ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس ).
4- إذا كانت صلاة العيد في المصلى فلا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ لأن مصلى العيد له حكم المسجد بدليل أمره -صلى الله عليه وسلم- الحيّض أن يعتزلن المصلى، وهذا على رأي بعض العلماء.